في ظل حكم الملك ستيفن حفيد ويليام الفاتح لإنجلترا في القرن الثاني عشر، اقتربت امرأة من الجلوس على العرش، وكادت أن تتوج ملكة أولى لإنجلترا في الفترة من أبريل (نيسان) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 1141، إلا أنها فشلت في الجلوس على العرش، وأصبح ابنها الملك خلفًا للملك ستيفن.
في السطور التالية نتعرف إلى هذه المرأة، وكواليس اقترابها من الجلوس على العرش، وكيف كانت سببًا في نشوب حرب أهلية تعرف بـ«سنوات الفوضى»؟
«كارثة السفينة البيضاء»: ماتيلدا وريثةً للعرش!
ولدت الإمبراطورة ماتيلدا في فبراير (شباط) 1102 ميلاديًّا، في القصر الملكي في باركشير جنوب شرق إنجلترا، وكانت تحمل اسم أديلايد. كانت وأخوها ويليام أديلين الابنين الشرعيين لملك إنجلترا هنري الأول، وزوجته ماتيلدا ابنة مالكوم الثالث، ملك أسكتلندا، وأصبحت الوريثة الشرعية للعرش الإنجليزي والنورماندي بعد موت شقيقها في كارثة «السفينة البيضاء» عام 1120.
وفقًا لموقع «هيستوريك يو كي»، فقد حدثت كارثة السفينة البيضاء عقب نجاح حملة هنري الأول على فرنسا، والتي استطاع خلالها هزيمة لويس السادس في معركة بريميول، وبعد الانتصار، استقل الأمير ويليام السفينة البيضاء التي تميزت بجمالها وسرعتها، بينما استقل والده سفينة أخرى في رحلة العودة إلى إنجلترا.
وعلى السفينة البيضاء، احتفل الركاب والجنود وشربوا النبيذ حتى أصبحوا في حالة سكر شديدة، ووزعوا بعضًا من النبيذ على طاقم السفينة، ثم أرادوا أن يصلوا إلى إنجلترا قبل السفينة الأخرى، فوافق القبطان على التحدي، لكن السفينة اصطدمت بصخرة؛ مما تسبب في غرق السفينة ومعظم ركابها ومعهم الأمير ويليام.
ماتيلدا إمبراطورة رومانية مقدسة
في أبريل 1110، خُطبت أديلايد البالغة من العمر ثماني سنوات لهنري الخامس، ملك ألمانيا وتغير اسمها إلى ماتيلدا، ثم تلقت تعليمها على يد رئيس أساقفة مدينة ترير الألمانية، وتعلمت الألمانية؛ لغةً وثقافة.
وقد أراد الملك هنري الأول إتمام الزيجة لتعزيز سياسته وتقوية نورماندي ضد فرنسا. فتزوجت ماتيلدا عام 1114، وتُوجت إمبراطورة رومانية مقدسة في مايلز بألمانيا.
الإمبراطور الروماني المقدس هنري الخامس. المصدر: ويكيبيديا
توفي هنري في 23 مايو (أيار) 1125، وبعد ذلك عادت ماتيلدا البالغة من العمر 23 عامًا إلى والدها في إنجلترا، ولأن الملك قد فقد ابنه الأمير ويليام كما ذكرنا، فقد أراد أن ينجب ذكرًا آخر ليصبح وريثًا للعرش. كانت والدة ماتيلدا والأمير الراحل قد توفيت عام 1118، ولذا، تزوج هنري مرة أخرى في عام 1121 من أديليزا من لوفان، ولكن الزوجة الجديدة لم تنجب، فأصبحت ماتيلدا أمل والدها الوحيد لاستمرار سلالته في الحكم، وبناءً عليه أطلق عليها اسم «الوريثة».
في عام 1127 أجبر الملك البارونات بعد أن جمعهم في وستمنستر على قبول ماتيلدا خلفًا له، على الرغم من أن وجود امرأة حاكمة، أمر لم يسبق له مثيل في إنجلترا، فأقسموا اليمين أمام الملك للاعتراف بماتيلدا، حاكمهم المستقبلي.
الزواج الثاني يعوق تتويج الإمبراطورة ملكة لإنجلترا
قرر هنري الأول عام 1128 أن تتزوج ابنته من جيفري الخامس بلانتاجنيت، ابن فولك، كونت أنجو في لومان الفرنسية لتأمين الحدود الجنوبية لنورماندي. رفضت ماتيلدا إتمام تلك الزيجة لأن جيفري كان يبلغ حينها 15 عامًا أي يصغرها بأحد عشر عامًا، إلا أنها أجبرت في النهاية على الامتثال لرغبة والدها.
بعد إتمام هذا الزواج، عارض البارونات أن تكون ماتيلدا وريثة العرش لأنها تزوجت خارج إنجلترا، وأسفر الزواج عن إنجاب ماتيلدا لابنها الأول هنري في مارس (آذار) 1133.
تعقدت العلاقة وتوترت بين الملك وابنته عقب ولادتها لطفلها الثاني جيفري في 1134، وذلك لأن الملك طلب من نبلاء الإنجليز دعم مطالبتها بالعرش من بعده، لكنه لم يطلب ذلك من نبلاء نورماندي خشية أن يحاول زوجها فرض السيطرة على نورماندي، وهو ما اعتبرته ماتيلدا إضعافًا لموقفها بصفتها خليفة لوالدها.
في عام 1135، سافر المك هنري الأول إلى ابنته لرؤية حفيديه، ولكنه تشاجر مع ابنته وزوجها خلال الزيارة لعلمه بوقوفهما إلى جانب المتمردين في نورماندي، وبعد هذه الزيارة مباشرة، توفي الملك في سانت دينيس لو فيرمونت في نورماندي.
صراع على العرش الإنجليزي
وفقًا لموقع «هيستوريك يو كي»، فعقب وفاة الملك هنري الأول، لم تتمكن ماتيلدا من الجلوس على العرش؛ إذ جاء ابن عمتها ستيفن كونت بلوا – ابن أديلا الشقيقة الصغرى لهنري الأول – ليستولي على عرش إنجلترا. وقد ادعى ستيفن أن الملك هنري قد غير رأيه في أن تكون ماتيلدا وريثته، واعترف به وريثًا للعرش بينما كان على فراش الموت.
ستيفن ملك إنجلترا. مصدر الصورة: موقع fandom
تولى ستيفن العرش بمساعدة شقيقه هنري بلوا أسقف وينشستر، وأعلنت الكنيسة والبارونات دعمهم له وتوج ملكًا على إنجلترا في 26 ديسمبر (كانون الأول) 1135. غضبت ماتيلدا ورفضت قبول هذا القرار، وأيدها في ذلك أخوها غير الشرعي روبرت إيرل جلوستر، وخالها الملك ديفيد الأول ملك أسكتلندا لتبدأ فترة الحرب الأهلية المعروفة باسم «سنوات الفوضى».
هؤلاء تعاونوا مع الإمبراطورة لتفوز بصراع العرش
رفضت ماتيلدا التخلي عن التاج، وبدأت مع زوجها في السيطرة على القلاع الرئيسية في نورماندي، كما كان خالها ديفيد الأول ملك أسكتلندا مؤيدًا لتوليها عرش إنجلترا، فغزا شمال البلاد. لم تحاول ماتيلدا الذهاب إلى إنجلترا لتولي العرش، وقد يكون هذا بسبب نقص الدعم، أو لأنها كانت في المراحل الأولى من الحمل في ابنها الثالث ويليام الذي ولد في يوليو (تموز) 1136.
خلال عام 1137، كان جيفري زوج ماتيلدا قد فرض المزيد من السيطرة في نورماندي، وخلال عام 1138، أعلن الأخ غير الشقيق لماتيلدا، روبرت إيرل جلوستر، تمرده ضد ستيفن أيضًا.
«سنوات الفوضى».. إنجلترا تختبر حربًا أهلية طويلة
استمر جيفري زوج ماتيلدا، وروبرت إيرل جلوستر، وديفيد الأول ملك أسكتلندا في القيام بحملات لزعزعة حكم ستيفن ملك إنجلترا. فبينما غزا جيفري نورماندي، هُزم ديفيد في معركة ستاندرد في 22 أغسطس (آب) 1138.
لم ترض ماتيلدا وأخوها بالخسارة، فشنَّا هجومًا ضد إنجلترا في سبتمبر (أيلول) 1139، واستقبلتها زوجة والدها أديليزا من لوفان في قلعة أروندل، وقد كانت متزوجة آنذاك من إيرل أروندل.
حاصر الملك ستيفن ابنة خاله ماتيلدا في قلعة أروندل لكنه أطلق سراحها بعد الاتفاق على هدنة، وتركها تذهب إلى جنوب غرب إنجلترا، حيث التقت بروبرت إيرل جلوستر واستقرت هناك لفترة، ثم انتقلت مع زوجها إلى أروندل مرة أخرى للاستمرار في الضغط للحصول على العرش. في تلك الأثناء كان روبرت يفرض سيطرته على جنوب غرب إنجلترا.
في عام 1140، كانت قوات ماتيلدا قد فرضت سيطرتها على قلعة نوتنجهام، وهو ما دفع هنري بلوا شقيق ستيفن إلى ترتيب مؤتمر سلام في باث، لكن إصراره على وضع شروط من أجل اتفاق السلام حال دون استكمال الأمر، بسبب رفض أخيه الملك ستيفن فرض شروط.
في فبراير (شباط) 1141، حوصر الملك ستيفن في قلعته في لينكولن، فتقدم روبرت إيرل جلوستر مع حلفائه، واندلعت معركة لينكولن الحاسمة، وأُلقي القبض على الملك ستيفن وسجن في قلعة بريستول، وأعلنت ماتيلدا نفسها ملكة إنجلترا الشرعية.
الفوضى مستمرة وماتيلدا ملكة غير رسمية
بعد أن أعلنت ماتيلدا نفسها ملكة لإنجلترا، التقت مع هنري بلوا أسقف وينشستر، شقيق الملك الأسير، والذي كان قد اختلف مع أخيه حول حكم إنجلترا وقدم دعمه لماتيلدا. هناك، انتخب رجال الدين ماتيلدا «سيدة إنجلترا ونورماندي» بشكل غير رسمي لتتوجه بعدها إلى لندن.
كانت ماتيلدا قد حددت يوم 24 يونيو (حزيران) موعدًا لتتويجها ملكة لإنجلترا، فتوجهت إلى وستمنستر في لندن، إلا أنها فشلت في الحصول على دعم المواطنين، فقد علت الأصوات الرافضة لها، ودُقت أجراس المدينة احتجاجًا على وجودها؛ لأنها رفضت الاستماع إلى الالتماسات المتعلقة بالامتيازات الضريبية وفق التقاليد المتبعة دائمًا، وطردت جميع المتقدمين بالالتماسات من الحضور، فلم تجد أمامها سوى الفرار إلى أكسفورد.
ووفقًا للمؤرخين، فقد أظهرت ماتيلدا وقت انتصارها فخرًا وعنادًا لا يُحتملان، مما جعلها مكروهة للجميع، كما لم تفعل بالضبط ما قاله لها مستشاروها، فطردها سكان لندن.
في الشهر التالي، كان هنري بلوا قد غير رأيه بسبب فشل ماتيلدا، ووجه قوات ستيفن لمحاصرة قوات ماتيلدا في وينشستر. وحينما علمت ماتيلدا، انطلقت بجيشها إلى وينشستر، وفرضت حصارًا على قوات ستيفن التي كانت تحاصر قواتها.
لم يلبث الوضع أن ينعكس مرة أخرى، وأصبحت قوات ماتيلدا غير قادرة على الصمود أمام قوات ستيفن، فحاولت الهروب إلى الشمال. وبينما تمكنت ماتيلدا من الفرار، أُلقي القبض على أخيها غير الشقيق، روبرت إيرل جلوستر، في نوفمبر (تشرين الثاني) 1141.
نهاية عهد ماتيلدا «العنيدة»
بعد هروبها والقبض على أخيها، لم يعد أمام ماتيلدا سوى إتمام عملية تبادل الملك الأسير ستيفن مع روبرت إيرل جلوستر. احتُجزت ماتيلدا في قلعة أكسفورد فوق نهر التايمز المتجمد في عام 1142، إلا أنها تمكنت من الهروب بعدما لفت نفسها بفرو أبيض لتختفي وسط الثلوج البيضاء، لتصل إلى بلدة والينجفورد.
هنري الثاني ملك إنجلترا. مصدر الصورة: موقع history collection
في الفترة التالية، لم تعد ماتيلدا قادرة عل المواجهة، فوضعت وأنصارها الأمل على ابنها الأكبر هنري في أن يصبح ملكًا للبلاد بعد ستيفن، فبدأوا تعليمه كيفية إدارة البلاد.
كان عام 1147 حزينًا على ماتيلدا، فقد مات أخوها غير الشقيق وكبير مؤيديها، روبرت إيرل جلوستر. كذلك، فشل ابنها هنري في السيطرة على العرش بعدما ذهب على رأس مجموعة من المرتزقة إلى إنجلترا لإبعاد ستيفن والاستيلاء على الحكم.
وأخيرًا.. ابن ماتيلدا ملكًا لإنجلترا
مات جيفري زوج ماتيلدا عام 1151، فورث ابنه الأكبر هنري أراضيه، لكنه لم يهدأ وعاد إلى إنجلترا بعد عامين لمحاولة كسب التأييد لمطالبته بالعرش. لم يعد هنري شاغر اليدين، فقد حقق نجاحًا محدودًا بعدما عملت الكنيسة وسيطًا وتوصل الطرفان إلى توقيع معاهدة والينجفورد التي أنهت الحرب الأهلية، والتي تنص على أن تتنازل ماتيلدا عن مطالبتها بالعرش، وأن يظل ستيفن ملكًا لإنجلترا طوال حياته على أن يعين هنري الثاني خليفة له وأن يرث العرش عقب موته.
توفي الملك ستيفن في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1154 وخلفه هنري الثاني، ابن ماتيلدا وتُوج في اليوم ذاته، ولم تنتقل ماتيلدا إلى لندن، بل ظلت في نورماندي حيث أدارت ممتلكات عائلتها هناك.
عاشت ماتيلدا في نورماندي وظلت تشارك في حكم الدوقية، وتوفيت في 10 سبتمبر (أيلول) 1167 عن عمر يناهز 65 عامًا ودُفنت تحت المذبح العالي في دير بيك حلوين، وقد فُقدت رفاتها بعد تدمير نابليون للكنيسة، لكن أعيد دفنها فيما بعد في كاتدرائية روان.
تاريخ وفلسفة
منذ سنتينهنري الثامن.. ملك إنجلترا «المؤمن» الذي تزوج 6 سيدات وشنق بعضهنوفي نهاية المقال نود ان نشير الى ان هذه هي تفاصيل قصة الإمبراطورة المقدسة التي كادت أن تصبح أول ملكة لإنجلترا وتسببت في حرب أهلية وتم نقلها من صحافة الجديد نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكامله .
علما ان فريق التحرير في صحافة 24 نت بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
المزيد من التفاصيل من المصدر - (اضغط هنا)