صحافة 24 نت - تفاصيل عن أ.د. جهان العمرانفي خضم زحمة الحياة المعاصرة وتعقيداتها، يظل الاحتراق النفسي أحد أكثر الظواهر... الاحتراق النفسي بين متاهات الألم ورحاب الأمل, والان ننشر لكم التفاصيل كما وردت فتابعونا.
أ.د. جهان العمران
في خضم زحمة الحياة المعاصرة وتعقيداتها، يظل الاحتراق النفسي أحد أكثر الظواهر إثارة للقلق، فهو شعور مزمن بالإرهاق والتعب نتيجة تراكم الضغوط، يصاحبه الإحساس بنوع من الانفصال العاطفي عن الآخرين، وحدوث تغيرات في المزاج، كالشعور بالغضب السريع لأتفه الأسباب، أو الشعور بأعراض صحية كالصداع أو آلام المفاصل مما يترك الفرد في حالة من الإنهاك العاطفي والجسدي، ويغدو، في هذه الحالات، أسيراً لدوامة من العناء والتعب، حيث يفتقد الدافع ويغرق في مشاعر الإحباط والرغبة في الانسحاب من الحياة اليومية.
إن الاحتراق النفسي مصطلح استُخدم لأول مرة من قِبل عالم النفس هربرت فرويدنبرغ في السبعينات. وهو أكثر من مجرد شعور بالتعب، إنه تجربة حياتية تمتد كظل دائم، تؤثر في مسار الفرد وتلون حياته بألوان قاتمة.
وتتعدد الأسباب وراء هذه الحالة الصعبة، وعلى رأسها الشعور بالضغط المتواصل، حيث يواجه الفرد تحديات تفوق قدرته على التحمل. تلاحقه المواعيد النهائية، ويتحمل عبء العمل الثقيل، دون فرصة للراحة أو للتنفس. وكذلك الشعور بعدم القدرة على السيطرة والتحكم في القرارات والمهام، وفقدان القدرة على تحقيق التوازن بين متطلبات العمل وتلبية الاحتياجات الشخصية، في ظل غياب شبكة دعم اجتماعي الأهل، وزملاء العمل، أو الرؤساء.
حيث يصبح العمل هو المحور الوحيد الذي يدور حوله عالمه، بينما تتلاشى التفاصيل الصغيرة التي تمنح الحياة بهجتها. وفي هذه الحالة، يتحول الشغف إلى عبء، وتفقد اللحظات التي كانت تحمل الفرح معناها، فتتكدس الآلام في النفس، حينها يظهر الجفاف العاطفي ويخيم الضباب على الرؤى. وتشير الإحصائيات الحديثة أن المرأة أكثر تعرضاً للاحتراق النفسي من الرجل بسبب تعدد أدوارها كأم وزوجة وعاملة، حيث تبقى في حالة استنزاف مستمر لطاقاتها مما يجعلها خائرة القوى.
وعلى الرغم من شعور هؤلاء الذين تنتابهم حالات الاحتراق النفسي بالضياع في متاهات الألم والإحباط، إلا أن رحاب الأمل تبقى موجودة دائماً، إذ يمكن مواجهة هذا الاحتراق عبر استراتيجيات ذكية وفعّالة، ومن أهمها إدارة الوقت بحكمة وترتيب الأولويات، ووضع جدول زمني يومي يساعد على تنظيم المهام وتحقيق التوازن بينها، مما يعمل على تخفيف حدة الضغط. كما أن تعلم مهارات التعامل مع التوتر، كممارسة التأمل والرياضة وإعطاء وقت خاص لممارسة الهوايات، والاهتمامات الشخصية التي تدخل البهجة إلى النفس كسماع الموسيقى أو مشاهدة أفلام مسلية، كما أنه ببساطة، التحدث عن المشاعر بصراحة وحرية لصديق مخلص، أو تخصيص مفكرة ذاتية للتعبير عنها كتابياً، يمكن أن يكون له تأثير سحري في تخفيف حالة التوتر والتخلص من الشعور بالإنهاك. ومن المهم تعلم قول «لا» في بعض الأحيان عندما تتراكم الأعباء، ويشعر الفرد أنه غير قادر على تحمّل المزيد من المسؤوليات. كما أنه أحياناً يسهم تغيير البيئة في تحسين المزاج كأخذ إجازة قصيرة، أو السفر إلى مكان جديد، أو تغيير الوظيفة في بعض الأحيان. ويبقى الشعور بالإيمان القوي بالله تعالى والتوكل عليه من أهم الطرق للتخلص من حالات الاحتراق النفسي والشعور بالتوازن النفسي الداخلي.
في الختام، إن الاحتراق النفسي هو رحلة صعبة، لكن التحديات التي يصادفها الواحد منا في هذه الرحلة ليست نهاية المطاف من خلال إدراك حالة الاحتراق النفسي، وفهم أسبابها، وأساليب التغلب عليها حتى يمكن تحويل الألم إلى قوة دافعة نحو حياة أفضل. مع تأكيد أهمية الرعاية الذاتية، فاهتمامنا بأنفسنا ليس ترفاً، إنما هو ضرورة تساهم في استمرارية العيش بكرامة وسعادة في عالم قد يبدو أحياناً بلا قلب.
* أستاذة جامعية في علم النفس التربوي
اقرأ على الموقع الرسمي
إليك ايضا :
- علماء يكتشفون "اتصالات" غريبة بين كائنات ذكية غير بشرية فى محيطات الأرض
- رغم غموض حالتها.. ملك أحمد زاهر تخرج من المستشفى وهذه آخر تطورات حالتها الصحية
- تفاصيل الوفاة الصادمة المأساوية لطليق كاريشما كابور
كما تَجْدَرُ الأشارة بأن الموضوع الأصلي قد تم نشرة ومتواجد على صحافة الجديد وقد قام فريق التحرير في صحافة 24 بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.